preloader

المقالات الصحية

الجانب البيئي من هدر الطعام
د.خالد البلوشي | مستشار بيئي

في عالم يعاني من الجوع، والموارد المحدودة، يعتبر هدر الطعام جريمة بحق الإنسانية والبيئة. فكميّات الطعام المهدرة سنويًا هائلة، وتؤدي إلى إهدار الموارد الطبيعية، وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وتفاقم مشكلة تغيّر المناخ. إن مواجهة هذه المشكلة تتطلب تضافر جهود الجميع، من الأفراد إلى الحكومات، والشركات، لتغيير سلوكياتنا وعاداتنا الاستهلاكية.” 

تُعتبر ظاهرة هدر الطعام في دول الخليج من المشكلات الملحة التي تتطلب اهتمامًا عاجلاً، حيث تتجاوز الكميات المهدرة من الطعام المتوسط العالمي بشكل كبير. هذه الظاهرة ليست مجرد مشكلة اجتماعية واقتصادية، بل تحمل في طياتها آثارًا بيئية خطيرة تهدد كوكبنا. 

وبالنظر إلى عمق المشكلة فقد نجد أن هناك أسباباً كثيرة تعود لظاهرة هدر الطعام  في دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر : 

  • ثقافة الاستهلاك المفرط: تساهم ثقافة الاستهلاك السائدة في المنطقة في شراء كميات كبيرة من الطعام تفوق الحاجة الفعلية للأفراد والأسر، مما يؤدي إلى زيادة الهدر. 
  • الإسراف في المناسبات والأعياد: خلال المناسبات، والأعياد الدينية، والاجتماعية، يتم إعداد كميات كبيرة من الطعام تتجاوز الاحتياجات الفعلية، وغالباً ما يتم التخلص من الفائض منها. 
  • نقص الوعي بأهمية الطعام: قلة الوعي بالقيمة الحقيقية للطعام وكيفية الحفاظ عليه يساهم في عدم تقدير أهمية ترشيد الاستهلاك. 
  • وفرة الغذاء وسهولة الحصول عليه: توفر الغذاء بأسعار معقولة في دول الخليج يقلل من قيمة الطعام لدى المستهلكين، مما يشجع على الهدر. 

وبتزايد كميات هدر الطعام ، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة تفاقم طرق التخلص من الكميات المهدرة مما يؤدي إلى زيادة الطلب على وجود مكبات للنفايات للتخلص من هذه المواد ، وعليه فإن طرق التخلص من هذه النفايات المرتبطة بالطعام تؤدي إلى عدة مشاكل بيئية ومنها:  

  • إهدار الموارد الطبيعية :  إنتاج الطعام يتطلب كميات كبيرة من المياه، والطاقة والأراضي الزراعية، وبالتالي فإن هدر الطعام يعني إهدار هذه الموارد الثمينة. 
  • زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة: يتسبب تحلل الطعام المهدور في إنتاج غازات الدفيئة مثل الميثان، مما يساهم في تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض. 
  • تلوث التربة والمياه: قد يؤدي التخلص من الطعام المهدور في مكبات النفايات إلى تلوث التربة والمياه الجوفية. 
  • فقدان التنوع البيولوجي: الزراعة المكثفة لإنتاج الغذاء تهدد التنوع البيولوجي وتؤدي إلى تدهور الأراضي. 

ولتفادي تفاقم المشكلة ، فلابد من وضع حلول سريعة تنفذ على فترات قصيرة ، وكذلك حلول على المدى الطويل، والتي من خلالها يتم تغيير السلوك ، وكذلك تغيير آليات التعامل مع الكميات المهدرة من الطعام بتبني طرق، ومنهجيات حديثة  وهناك العديد من الحلول المقترحة للحد من مشكلة هدر الطعام، والتي تركز بشكل أساسي على التوعية والتخطيط، والتغيير في السلوكيات. 

  • نشر الوعي: يجب تكثيف الجهود لنشر الوعي بأهمية ترشيد استهلاك الطعام والآثار السلبية لهدره، على البيئة والمجتمع. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الحملات الإعلامية، والبرامج التوعوية، وورش العمل. 
  • التخطيط السليم: يشمل ذلك التخطيط الجيد لقوائم التسوق، وإعداد كميات مناسبة من الطعام، وتخزين الطعام بشكل صحيح للحفاظ عليه لفترة أطول. 
  • التعليم: يجب إدراج موضوع ترشيد استهلاك الطعام في المناهج الدراسية في مختلف المراحل التعليمية، لترسيخ هذه القيمة لدى الأجيال القادمة. 
  • دعم المبادرات: يجب دعم المبادرات التي تهدف إلى جمع الطعام الفائض من المطاعم والفنادق والسوبر ماركت وتوزيعه على المحتاجين. 
  • تشجيع الزراعة المستدامة: يجب تشجيع الممارسات الزراعية المستدامة التي تقلل من هدر المياه والطاقة، وتحافظ على التربة، وتزيد من الإنتاجية. 
  • تعديل سياسات التعبئة والتغليف: يمكن تشجيع الشركات على استخدام عبوات أصغر، أو عبوات قابلة لإعادة التدوير. 
  • تغيير تاريخ انتهاء الصلاحية: يمكن إعادة النظر في معايير تحديد تاريخ انتهاء الصلاحية، حيث يتم رمي الكثير من الطعام الصالح للأكل بسبب تواريخ انتهاء صلاحية قصيرة. 
  • تطوير تطبيقات وتقنيات جديدة: يمكن تطوير تطبيقات تساعد المستهلكين على إدارة مخزون طعامهم وتخطيط وجباتهم. 

في الختام، هدر الطعام يمثل تهديدًا مباشرًا للبيئة، ويساهم في تفاقم العديد من المشكلات البيئية العالمية مثل: تغير المناخ، ونقص المياه، وتدهور الأراضي.  علاوة على أنه يمثل تحديًا كبيرًا  في دول الخليج ، و يتطلب تضافر الجهود من قبل الحكومات، والمؤسسات، والأفراد للحد منه، وذلك  من خلال اتخاذ إجراءات فعّالة، يمكننا الحفاظ على مواردنا الطبيعية، وتقليل تأثيرنا البيئي. 

    إرفاق ملف

    صيغة الملفات المطلوبة pdf. docx. والحد الأعلى لحجم الملف هو 2MB