preloader

المقالات الصحية

هل أعاني من القلق الاجتماعي؟  أم أن هذا هو نمط شخصيتي؟
لينا القعيّد - أخصائية نفسية

“أعتقد أنني أعاني من القلق الاجتماعي” هي عبارة نسمعها كثيرًا في العيادة ، وعندما نحاول استكشاف الجملة أكثر بالسؤال;”ما الذي يجعلك تعتقد أنك مصاب بالقلق الاجتماعي؟”، لا تتضمن الإجابات معايير التشخيص بالاضطراب ، ما نسمعه هو :

” ليس لدي الكثير من الأصدقاء “

” لا أحب الذهاب إلى المناسبات لأنها تستنزف طاقتي “

“أفضل البقاء في المنزل “

وإذا تم السؤال عما إذا كان ذلك بسبب قلقهم، أو خوفهم من القيام بخطأ أمام الآخرين، أو أن يتم الحكم عليهم بطريقة سلبية، عادة يكون الرد بعبارة “;لا، أنا فقط لا أشعر بالرغبة في ذلك”.

ما يتحدثون عنه هو سمات الانطوائيين، وهي إحدى سمات الشخصية التي تصف الأفراد الذين يستمتعون بالعزلة، ولديهم شبكة علاقات اجتماعية صغيرة، ويشحنون طاقتهم من قضاء وقتهم بمفردهم، لأن الوقت الذي يقضونه مع مجموعات كبيرة من الناس أقل متعة بالنسبة

لهم.

عندما ننظر إلى تعريف الانطوائية، يمكننا أن نرى كيف يتشابه سطحيًا مع القلق الاجتماعي، ولكن كيف يمكننا التمييز بين الاثنين؟

قرأت اقتباسًا يصف الاختلاف بشكل موجز،  و مفهوم :

“الانطوائية هي: طريقتك في التعامل مع الحياة، بينما يكون القلق الاجتماعي عائقا في طريقك”

وهذا يعني أنه إذا كان على الانطوائي الذهاب إلى اجتماع كبير في العمل سيحضره، وربما سيستمتع بوقته، على عكس المصاب بالقلق الاجتماعي الذي قد يستخدم التجنب؛ للهروب من هذا الاجتماع، والذي بدوره قد يضر بحياته المهنية .

مثال آخر: إذا تمت دعوة شخص لديه قلق اجتماعي، وشخص انطوائي إلى مناسبة، فإن الشخص القَلِق اجتماعيا سيقضي وقته في التفكير خوفًا من أن ينتقده الآخرون، أو يحكمون عليه بطريقة سلبية، وقد يصل به الأمر إلى مغادرة المكان باكرًا، بينما قد يغادر المنطوي مبكرًا

أيضاً، لكنه لن يقضي ليلته بانتقاد ذاته، ويعيد في مخيلته تفاعله مع الآخرين، وكيف كان يجب أن يكون، بدلاً من ذلك سيقضي ليلته في إعادة شحن بطاريته الاجتماعية من خلال القيام بأنشطته المفضلة في المنزل.

وبذلك يأتينا سؤال: لماذا نخلط بين الاثنين؟

أحد الأسباب قد تكون أن معظم الثقافات تفضل صفات الشخصية الانبساطية (وهي عكس الانطوائية، فهم أفراد يفضلون الاختلاط بالآخرين كثيراً، ولديهم شبكة علاقات واسعة)،

وهذا التفضيل جعل الانطوائيين يفترضون بأنهم يجب أن يتصرفوا بطريقة أكثر انفتاحاً من أجل أن يتم قبولهم من الآخرين، فكأننا نقول إما أن تكون منبسطا، أو هذا يعني بأن لديك قلق اجتماعي. علاوة على ذلك، إذا لم يكن الانطوائيين على دراية بسماتهم الشخصية، فقد يفسرون ميلهم إلى العزلة، وتفضيلهم التواصل مع الأشخاص المقربين منهم على أنه قلق اجتماعي، خاصة إذا كان الأفراد من حولهم ينتقدونهم بسبب محدودية علاقاتهم الاجتماعية، مع الأخذ في الاعتبار أن العزلة، والهدوء هو أسلوب حياة طبيعي، وليس اضطرابًا نفسيا.

وأخيرًا، يزدهر الأفراد بطرق متنوعة، إذا افترضنا أن سمات معينة هي الصفات المثلى، فإننا نحرم السمات الأخرى من التطور. وإذا افترضنا بأن الانبساطية هي الطريقة التي يجب أن تكون عليها، فإننا سنفتقد كُتّابًا، وباحثين، وأي فوائد قد توفرها لنا الشخصية الانطوائية.

لذلك، هناك حاجة لجعل الأفراد يفهمون سمات شخصيتهم حتى يتمكنوا من الازدهار في حياتهم والتعرف على نقاط قوتهم وكذلك تقدير التنوع وكيف أنه من الجيد أن يكون هناك اختلافات بيننا.

    إرفاق ملف

    صيغة الملفات المطلوبة pdf. docx. والحد الأعلى لحجم الملف هو 2MB