الاكتئاب
الاكتئاب أحد اضطرابات المزاج الأكثر شيوعا في العالم وأحد أهم أنواعه هو الاكتئاب الرئيسي والذي يصيب تقريبا واحدا من كل ١٠ أشخاص. بينما قد تصيب نوبة الاكتئاب واحدة من كل ٣ نساء وواحد من كل ٥ رجال قبل عمر ال ٦٥ عاما. لذلك لا عليك، أنت لست لوحدك فهو اضطراب شائع عالمي وله طرق علاجية مناسبة سنتحدث عنها في هذا المقال. ما هو؟ أولا لا بد من معرفة أنك لست الاكتئاب فهو مجرد تغير لون عدسات نظاراتنا للحياة الشفافة باللون الأسود بسبب الاكتئاب فلم يخلقنا الله تعالى بعدسات سوداوية اكتئابية. لذلك الاكتئاب شيء دخيل، وكما تغيرت العدسات للأسوأ فهنالك طرق علاجية للتخلص من السوداوية في النظرة ورجوع العدسات شفافة كما كانت. ومهما اقنعتك النظرة من خلال تلك العدسات الاكتئابية السوداء بأن لا أمل من المحاولة والحياة، تذكر بأنها مجرد أفكار اكتئابيه تشعرنا بالحزن وستعود العدسات لشفافيتها كما كانت من قبل. مع تكتل الضغوط الحياتية (ضغوط أسرية، اجتماعية، وظيفية، صحية، مادية أو تعليمية)، قد نسقط في حفرة الاكتئاب ذات التربة السوداء والتي تلوّن عدسات نظارتنا للحياة بالسواد. فنجد أنفسنا في حفرة الاكتئاب نشعر بالحزن المستمر ونوبات البكاء العفوية أحيانا. ومع ذلك، نفقد شغفنا واستمتاعنا بالأنشطة التي كنا نستمتع بها. مثلا: من كان يستمتع بالتواصل مع الآخرين قد ينعزل لانعدام المتعة من ذلك بسبب سوداوية عدسة الاكتئاب ومن كان يستمتع بممارسة نشاط معين قد يفقد ذلك بسبب سوداوية العدسات الاكتئابية. وفي قعر الحفرة، بطبيعة عمقها قد لا نتمكن من رؤية أهدافنا التي رسمناها قبل السقوط في تلك الحفرة فنيأس من المستقبل ونجتر أفكار الماضي وأحدثه المؤلمة مما يزيد سواد عدسات الاكتئاب. فنرى المستقبل بسوداوية وكذلك نرى أنفسنا بنفس العدسة بانعدام الأهمية والدور ويساورنا أفكار سوداوية بأننا أعباء على الآخرين وأنه لا مستقبل لنا وأن الآخرين وأنفسنا لا يستحقون الاهتمام أو حتى الحياة. وكيف لا وعدسات الاكتئاب سوداء ترينا كل شيء بسواد وتثير شكوكنا ومخاوفنا عن أنفسنا وعن الآخرين وعن مستقبلنا. وبسبب الأفكار السوداوية الاكتئابية نبدأ بالتقوقع فلا نخرج للحياة وتبدأ عدسات الاكتئاب السوداء التركيز على كل قبيح فتضخمه والتركيز على كل جميل فتحجّمه فننعزل. ويقتنص الاكتئاب تلك الفرصة لبث المزيد من أفكاره السوداوية؛ ويحثنا على عدم مغادرة السرير أو الغرفة لمعرفته بكون تلك الأفعال تقلل سواد عدساته. ويقنعنا بانعدام أهمية الأكل لنجرد انخفاض الشهية وهو بذلك يغير إعدادات جسمنا كي لا نستزيد من العناصر الغذائية اللازمة لتزويدنا بالقوة لمحاولة الخروج من حفرة الاكتئاب سعيا منه لزيادة عمقها. وعندما نفقد العناصر الغذائية اللازمة، ستنخفض طاقتنا/نشاطنا لتأدية ما كنا نقوم به من مهام فنشعر بتثاقل ووهن فيزداد مع ذلك العزلة ونتجنب فعل ما كان يفرحنا سابقاً وتزداد عدسات الاكتئاب سواداً ومعها نزداد حزنا وانعزالاً فالاكتئاب بذلك يحقق هدفه ليسيطر أكثر فأكثر. ومع زيادة سواد عدسات الاكتئاب، يبدأ بتشكيكنا في أبسط القرارات فيجعل التردد أحد أعوانه في زيادة سواد العدسات فنتجنب اتخاذ أبسط القرارات لشكوكنا حول نتائجها. فعدساته تقول لنا: لا تأكل لأن شهيتك منخفضة، ولا تخرج لأن طاقتك منخفضة، ولا تتواصل مع أحد لأنه لا جدوى من الحياة. ومع ازدياد عمق حفرة الاكتئاب قد نشعر باليأس والإحباط ومع ذلك ينخفض تركيزنا الذي تأثر بسبب العزلة وعدم فعل ما كنا نفعله سابقاً. لكن لنتذكر بأنها مجرد عدسات اكتئابية سوداء لم نكن نرى من خلالها سابقا، كما أتت ستذهب باستخدام مهارات علاجية مثبتة علمياً سأشير إليها لاحقا. فالعدسات الاكتئابية ليست نحن، هي دخيلة وستعود نظارتنا للحياة شفافة كما كانت. كيف يتم تشخيصه: لتشخيص الاكتئاب لا بد من وجود إما انخفاض في المزاج (حزن) أو فقد الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة التي اعتدنا عليها لمدة أسبوعين فأكثر. إضافة لذلك يجب توفر ما مجموعه ٥ من أصل ٩ أعراض هي: لنتذكر دوما بأن تلك أعراض لمرض كما الدخان عرض للنار وبمجرد إطفاء النار (الاكتئاب) سيتلاشى الدخان (الأعراض) طرق العلاج: عادة ما يقوم الطبيب النفسي أو مختص علم النفس بالاستفسار عن الأعراض تلك وبعد ذلك يتم فعل التالي: يمكن علاج الاكتئاب البسيط جدا من خلال التثقيف الذاتي والتنشيط السلوكي، والذي يعنى برسم وتخطيط روتين يومي يجمع بين فعل ما اعتدنا فعله مسبقًا وملاحظة أثر ذلك على مزاجنا، وبذلك ينقشع سواد عدسات الاكتئاب تدريجيًا خصوصا إذا لم تتوفر سبل العلاج النفسي لأي سبب كان. طلب العلاج النفسي مهم جداً ويتم تقديمه من خلال طبيب نفسي أو مختص في علم النفس متخصص في تقديم طريقة العلاج تلك ومنها: العلاج المعرفي السلوكي، العلاج البين شخصي، العلاج النفسي التحليلي، العلاج بالقبول والالتزام والعلاج عبر الدعم النفسي أو العلاج عبر فنية حل المشكلات. وفي هذه المرحلة، قد لا نحتاج لمضادات الاكتئاب حيث إن غالبية الحالات تستجيب لطرق العلاج النفسي الكلامي وإن كان هنالك صعوبة في التحسن فيتم البدء بمضادات الاكتئاب بعد استشارة الطبيب. يتم تحديد الطريقة العلاجية المناسبة مما سبق من قبل الطبيب النفسي أو مختص علم النفس بالإضافة لإمكانية البدء بمضادات الاكتئاب بعد استشارة الطبيب النفسي، مثلا: من يعاني من انخفاض التركيز والذاكرة، مثلًا قد تكون استفادته من العلاج النفسي الكلامي غير كافية وهنا يحتاج للبدء باستخدام مضادات الاكتئاب بالإضافة إلى جلسات العلاج النفسي الكلامي المذكورة سابقاً. بعض حالات الاكتئاب الحادة جدًا قد يتم الاحتياج فيها لطرق علاجية أخرى، مثل التحفيز المغناطيسي أو الكهربائي للدماغ ذات الفاعلية العالية والمثبتة علميا خصوصا عندما تكون حياة الشخص في خطر. طبعا تختلف كل حالة عن الأخرى ويتم تصميم خطة علاجية مناسبة لكل حالة ودوما أنصح المراجعين بالتساؤل عن حل المشكلة التالية: عندما تكون محجوزا بغرفة معينة ولديك ٥ مفاتيح، هل ستستسلم لمجرد فشل المفتاح الأول في فتح باب الغرفة؟ أم أنك ستحاول استخدام ما تبقى من المفاتيح؟ كذلك هي الطرق العلاجية، فقد يستجيب شخص لطريقة علاجية مختلفة عما سبقها، هي مطبه في الطريق وليست الطريق كله ويجب استشعار الأمل (المخرج) للاستمرار في المحاولات مهما قالت لنا عدسات الاكتئاب السوداوية باستحالة ذلك فهي مجرد أفكار يحاول إقناعنا بها الإكتئاب ليستشري فينا أكثر يمكنك تقييم ذاتك إذا كنت تعاني من إكتئاب حاد أم لا من خلال أداة اختبار الصحة النفسية . طريقة المساعدة الذاتية التي اقترحها بناء على أبحاث العلاج المعرفي السلوكي عكس الأفكار والسلوكيات التي يمليها علينا الاكتئاب (كئبون) والتي تؤدي للتعافي منه السبب الأفكار والسلوكيات التي يمليها علينا الاكتئاب (كئبون) فتزيد من حدته التواصل الاجتماعي: قم بخطوات صغيرة في مراسلة صديق أو قريب ومقابلته حتى لمدة ٥ دقائق ولاحظ الفرق في مدى حزنك وكيف كانت الأفكار السوداوية خاطئة. يخفض المزاج حيث لا يتم تصحيح أفكار الاكتئاب السوداوية التي تقول باليأس من مجالسة الاخرين وأننا عبئ عليهم وأن لا اهتمام لهم بنا الانعزال الاجتماعي قم بتحسين نظامك

د.حسين آل عماد
لقراءه المقال